لمن لم يستشعر وداع الأم
كان أول الطريق عندما ارتميت في حنانها الدافئ الندي
وأنا ساعتها أشعر أني سأسير إلى حتفي كمن يعتزم الرحيل إلى المجهول
وعند بوابة الموت يقف الجلاد في انتظار الضحية . . إنه القدر
لا تبتئس فهذا نصيبك منه أبيت هذا أم شئته.
يا له من قدرٍ فقد كان ينتزعني منها بتأنٍ - كمن ينزع من الصبية دُمَاها -
وفؤادها يذرف أشكال دموع الفراق والإيمان . . وكلماتها . .
" آهٍ "عليها من كلمات لا زالت تئن ، وتحن في أذني لحد الساعة
تحسست في قلبها فقدان الابن
الابن الذي أتوها به قبلاً في أثواب الظلام الأبيض
ولكأنني أراه يحدق إلي . .
كان جفنه رداءً في شرفة الحياة يحيد به الصبا يمنةً ويسرى
كان مزيجا من الحزن واللوعة وأنا أقف لأودعها ساعة الشروق والغروب
وهي التي كانت شمسي . . وزادي وقوت نفسي
كانت قمري .. .. وفرش همومي ورداء صبري
قبلت جبينها الرحب فسقته العبرات من همس الأنين فطفا الألم من جديد .
الألم . . تقع وتحن وتئن وهي التي تألمت من أجلي . .
إذن سأعيش لأبدد دموع الحزن من فؤادها حتى أتألم أنا ولا تألم هي .
فما رأيت في العالمين من يرتشف هموم الفراق غير الأم بأسمى معانيها