اللهم صلي على محمد ماتعاقب الليل والنهار وصلي على محمد ماذكره الذاكرون الأبرار وصلي على محمد عدد مكاييل البحار
العلاقة الجنسية بين الزوجين : منبع سعادة ، أم مصدر خلافات ؟
د. عبدالله بن عواد الرويلي
الجنس دعامة أساسية في عش الزوجية وأساس من أساسات بناء الأسرة في المجتمعات والسبيل الطبيعي الأمثل السليم لإشباع دافع وغريزة في بني آدم ذكورا وإناثا ....
لقد نظم وأدب الشارع الحكيم التعامل في هذا الجانب.. تحت المظلة الزوجية وتوعد بالعذاب الشديد كل من صرف هذا الأمر في عالم الحرام غير الشرعي . فمن أعظم غايات الزواج أن يعف الزوج والزوجة نفسيهما ويقياها مخاطر الشهوة ومهالكها وهو حق من أعظم الحقوق التي يجب أن تلبى في الحياة الزوجية ... قال تعالى : {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ (5) إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ (6) فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاء ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ} (7) سورة المؤمنون وقال تعالى : {نِسَآؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ فَأْتُواْ حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ وَقَدِّمُواْ لأَنفُسِكُمْ وَاتَّقُواْ اللّهَ وَاعْلَمُواْ أَنَّكُم مُّلاَقُوهُ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ } (223) سورة البقرة .
وفي الحديث عَن أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَن النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِذَا دَعَا الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ إِلَى فِرَاشِهِ فَأَبَتْ أَنْ تَجِيءَ لَعَنَتْهَا الْمَلَائِكَةُ حَتَّى تُصْبِحَ صحيح البخاري: 4897
تظهر لدى بعض الأزواج مشكلات خاصة في هذا الموضوع فبدلا من أن يكون مصدر سعادة واستكمال السكن والطمأنينة بين الزوجين يكون بؤرة خلاف ومنبع اضطرابات في الحياة الزوجية والتي قد تؤدي في بعض الأحيان إلى الفراق ..
وذلك يعود من وجهة نظر خاصة وحسب ما مر بنا من حالات إلى أمور منها :
1- اتساع الفجوة بين التصور الذهني المنطقي و التخيلي والمثالي الذي يتمناه أحد الزوجين في المعاشرة الجنسية مع الآخر ( زوج أو زوجة ) ، وما يتم في أرض الواقع.. مما قد يؤدي إلى عدم الشعور بكامل الاستمتاع المرغوب والمرجو خصوصا في الحالات التي لا يتم فيها مكاشفة وشفافية بين الزوجين أو عدم مبالاة واهتمام أحدهما أو تباين وجهات النظر والتصورات لأفضل أساليب الاستمتاع الجنسي ..
2- الخبرات والتجارب المزيفة والبراقة المكتسبة من وسائل الإعلام والفضائيات والأفلام الرخيصة التي تحط من إنسانية الإنسان إلى ما هو دون الحيوان في التعامل مع دافع الجنس وإشباعه بطرق غير شرعية وغير سليمة .
3- التباين الشديد وغياب الاعتدال في الرغبة والقدرة على الممارسة بين الزوجين ... قوى جامحة ورغبة طوال الوقت من الأول ، وبرود أو رغبة بنسب متوسطة من الآخر .. وهنا لا بد من التعاون والتنسيق والتكامل والتوافق لتحقيق السكينة والاستقرار الزوجي ..
4- النظرة القاصرة التي تقصر الحياة الزوجية على الجنس فقط .. فبمقدار النجاح والقوة والعطاء والاستمرارية في ذلك يكون التميز الزوجي والاستقرار الأسري .. ومن المعلوم أن لدى الإنسان ( الذكر والأنثى ) من الظروف والضغوط والعوامل والتغيرات ما يرفع مستوى الرغبة والقوة الجنسية ويهيئ لها أو يخفض مستواها وعددها .
5- الانشغالات المستمرة والأعباء الجسدية والفكرية التي قد تصرف أحد أركان الأسرة ( زوج – زوجة ) عن هذا الموضوع مما يضعف ويعيق إشباعه لدى الآخر .
6- عقد المقارنة مع الأقران والأصدقاء للجنسين ، للأسف قد تفشى بين الجنسين من الأزواج ضرب الأمثلة والتجارب الزوجية حتى في الفراش وأحيانا يتم تضخيم حالات ,إبراز قوى خارقة التي قد تكون موجودة فعلا ، أو بقصد التباهي أحيانا بالرجولة ، أو إبداء مدى المحبة من رفيق أو رفيقة العمر في أحيان أخرى ، أو رغبة في تقزيم الآخرين والأخريات في ثالثة ، أو لأهداف أخرى .. مما قد يثير حفيظة المتلقي وقد يؤدي تحدث ظروف وضغوط معينة إلى غياب الرضا عن الذات أو عن الآخر ( زوج ، زوجة ) أو كليهما .
الجنس في الحياة الزوجية جزء من كل وليس كل الحياة الزوجية فهو من أركانها وليس الركن الوحيد ، وحتى نقتنع بذلك كم من مسن ومسنة عاشوا لحظات وأيام وسنوات رائعة جدا في ظل غياب ذلك الركن أو اضمحلاله ...
علينا أن ننظر إلى الزواج بكل ما فيه على أنه نعمة من نعم الله التي لا تعد ولا تحصى ، وحتى نحافظ عليها وندعمها علينا بشكرها والذي يكون بالالتزام بضوابطها ، ووضعها في موضعها الصحيح كوسيلة للعفة والصلاح وبناء الأمة والطريق للنجاح في الدنيا والفلاح في الآخرة ضمن منظومة أكبر هي منظومة العش الزوجي .
(( حسبنا الله سيؤتينا الله من فضله إنا إلى الله راغبون ))
لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم
اللهم أغفرلي ولوالدي ولمن دخل بيتي مؤمناً وللمؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات الأحياء منهم والاموات