حصار غزة .. فين "الكاتشب" والمايونيز يا كفره
محمد جمال عرفة
خلال الغزو الأمريكي لأفغانستان عام 2001 وقصف القوات الأمريكية للمدن الأفغانية وقتل الالاف ، وفرض حصار مشدد علي الأفغان ، شنت صحف عالمية حملة نقد ضد الحصار الأمريكي ، ما دفع الولايات المتحدة لنشر أخبار دعائية في صحف العالم تتحدث عن إلقاء الطائرات الأمريكية عبوات من الأغذية تتضمن الهامبورجر علي المدنيين الأفغان الهائمين علي وجوههم في الجبال !.
واستغل رسامو الكاريكاتير في مصر والعالم هذه المفارقة في نشر رسوم كاريكاتورية تسخر من الاحتلال الأمريكي ، كان أبرزها نشر كاريكاتير يسخر من إلقاء الطائرات الأمريكية وجبات غذائية علي الأفغان في صورة أفغاني فقير يجلس علي قمة جبل والطائرات الأمريكية تلقي وجبات غذائية وهو يقول لهم : " فين الكاتشب يا كفرة يا ولاد الحرام "!!.
وكاريكاتير أخر لجريدة الأخبار تحت عنوان ( إنسانية أمريكا ) يظهر فيه جندي أمريكي يتدلي من إحدى الطائرات وعلي رأسه غطاء راس الطاهي (شيف المطبخ) ويدون في ورقة ما يقوله له أحد الأفغان الجالسين وهو يضع قدما فوق قدم حيث يقول الجندي لزميله بالطائرة تعليقا علي إحراق الأفغان الوجبات الأمريكية :" أكلنا مش عاجبهم ..فبيحرقوه..وأنا بأخذ الطلبات منهم ..عايزين يأكلوا إيه ؟ " .
و كاريكاتير أخر: يصور ثلاثة أفغان جالسين على صخور ويتناقشون حول إسقاط مساعدات الإغاثة من الجو ، حيث يسأل أحدهم رفيقا له "تشرب إيه يا عبد الله، بيرموا شاي معطر". وبعد تقرير ما يرغب الاثنان طلبه يبلغ الثالث الطلب لقائد الطائرة الأمريكية التي تحلق في الجو صائحا "اثنين شاي و«احدف» كوتشينة" !.
كما أستخدم رساموا الكاريكاتير في ذلك الحين كلمة (علوج) التي رددها وزير الاعلام العراقي السابق (الصحاف) والتي تعني في القواميس العربية: الحمير أو الكافر الأجنبي ، واستخدمتها الصحف المصرية للسخرية من القوات الأمريكية الغازية في صور كاريكاتير نشر في صحيفة الأخبار بتاريخ 8 أبريل 2001 لجندي أمريكي يقول لأخر بريطاني : " أنا من علوج تكساس أمريكا البلد .. وأنت ناسك علوج مين في انجلترا " !.
حكاية الكاتشب والمايونيز هذه تذكرتها حينما سمعت أن الأمريكان أتفقوا مع الصهاينة علي تخفيف الحصار عن غزة بعد مجزرة سفن الحرية التركية، ووعد نتنياهو بإدخال المزيد من السلع المحظورة وكانت المفاجأة هي إدخال مايونيز وكاتشب وكأن سكان غزة يعانون من صعوبة بلع الهامبورجر فأشفق عليهم نتنياهو وارسل لهم الكاتشب ليرسل رسالة للمجتمع الدولي أنه يدلل أهل غزة وأنه لا يوجد اي حصار !
فبعد تصريحات نتنياهو ، قررت سلطات الاحتلال الصهيونية السماح بإدخال المزيد من السلع المختلفة خلال الايام المقبلة ، وقال ناصر السراج وكيل وزارة الاقتصاد الوطني أن الجانب الاسرائيلي "أبلغنا بالسماح بإدخال المايونيز والكاتشب ورباط الحذاء والزر والابرة والدبوس والخيط العادي" !.
تخيلوا .. كانوا يمنعون دخول المكرونة الي غزة ويقولون يكفيهم الأرز – صنف واحد يعني (!) – حتى
أن وفد من الكونجرس الأمريكي أحتج علي ذلك وقال : هل المكرونة يصنعون منها الصواريخ ؟
والأن يسمحون بالمايونيز والكاتشب ورباط الحذاء والزر والابرة والدبوس والخيط العادي" ولا يسمحون بدخول المساعدات الدولية التي تتعفن وتفسد علي المعابر الي غزة !.
الخبر رغم سخريته القاتلة يكشف الي حد بلغ الاحتلال الصهيونية حد الدناءة في التعامل مع الشعب في غزة .. فحتي أربطة الحذاء والابر والخيط ممنوع دخولها ، فما بالك بالسلع الأخري مثل أجهزة المستشفيات والمنزل والسيارات واللحوم وغيرها !.
يجب أن نفضح هذا الاحتلال ونستغل كل مناسبة دولية لفضحه ، فهو ليس فقط احتلال وإنما تفرقة
عنصرية وجرائم إبادة .
كأس العالم لفضح الاحتلال
وحسنا فعل بعض الغيورين من أبناء العرب والمسلمين ( من دول العالم ومسلمي جنوب أفريقيا) حين أستغلوا كأس العالم لكرة القدم الحالي ، في تدشين حملات إعلامية وجماهيرية تلفت الانتباه إلى أنّ نظام الأبارتهيد، أي التفرقة العنصرية، الذي عرفته جنوب أفريقيا وتمّ تقويضه قبل عقدين من الزمن؛
ما زال قائماً بنمط آخر في فلسطين !
الحملات رفعت شعارات جيدة للغاية تطالب ببإنهاء "النظام العنصري في فلسطين"، الذي يجسِّده الاحتلال الإسرائيلي، ودعوات لمقاطعة اسرائيل وعزلها وفرض عقوبات بحقها .
لافتات وملصقات وقمصان ومواد إعلامية متعددة انتشرت، تحمل باللغة الإنجليزية عبارات من قبيل
"أنهوا الأبارتهيد في فلسطين"، وعليها خارطة فلسطين التاريخية ، منها لقطة للاعب يرتدي العلم
الإسرائيلي يركل ما تبدو للوهلة الأولى أنها كرة، لكنها ليست سوى رأس إنسان أطيح به أرضاً.
يجب فضح هؤلاء الصهاينة والاستفادة من زخم حملة قافلة الحرية التركية في رفع هذا الحصار الظالم نهائيا والتركيز ليس فقط علي الجرائم الصهيونية وإنما ايضا جرائم (العلوج) الأمريكية في التستر علي هؤلاء (العلوج) الصهاينة ، فما يدفع هؤلاء الصهاينة للتشدد هو تصريحات عنصرية مثل تلك التي أطلقها جو بادين نائب الرئيس الأمريكي عن حق اسرائيل في قتل ركاب السفينة التركية لحماية نفسها !