ما تقييمك لصور اضطهاد الأقباط في مصر، وما يقال عن انحياز أجهزة الدولة ضدهم.؟؟
إنه ثمة تفرقة ضرورية بين اضطهاد الأقباط وبين التمييز الذي قد يعانون منه.
والاضطهاد يعني تعمد الانحياز ضدهم من جانب السلطة وتعقبهم لمصادرة حقوقهم وحرمانهم مما يُفترض أن يتمتع به المواطن العادي من تلك الحقوق،
أما التمييز، فهو سلوك اجتماعي يتحيز ضدهم بسبب معتقداتهم الدينية.
أضفت أن الكلام عن اضطهاد السلطة للأقباط في مصر لا أساس له من الصحة، وهو من مبالغات
بعض المتعصبين أو المهاجرين إلى الخارج، الذين يستخدمون هذه الفكرة للضغط على الحكومة
وابتزازها في مصر وإحراجها أمام الجهات الخارجية، خصوصا في الولايات المتحدة.
أما الادعاء بانحياز الشرطة ضدهم لمصلحة المسلمين، فهو مما يندرج تحت عنوان الضغط والابتزاز،
في حين أن الاشتباك الحقيقي للسلطة كان آنذاك (ولايزال) ضد الجماعات الإسلامية المتطرفة
وضد الناشطين الإسلاميين عموما.
وافقت على أن هناك تمييزا ضد الأقباط في بعض الأوساط، وهذا التمييز له سمتان،
الأولى أنه مقصور على أوساط المتعصبين،
والثانية أنه حاصل على الجانبين، لأن التعصّب موجود بين المسلمين والمسيحيين،
وهو أظهر عند المسلمين بسبب كثافتهم العددية، إذ كما أن هناك بعض المؤسسات التي يقوم عليها مسلمون
لا تتعامل إلا مع المسلمين، فذلك حاصل أيضا في العديد من المؤسسات التي يملكها أو يديرها أقباط.
*****
إن الاضطهاد الحقيقي الذي يُمارس في مصر هو ضد المسلمين المتدينين عموما، والناشطين منهم خصوصا،
إذ ما إن تسمعوا ذلك حتى تقالوا في صوت واحد:
كيف؟
حينئذ نورد الشواهد والقرائن التالية:
* أن مساجد المسلمين تُفتح في أوقات الصلوات فقط، ثم تغلق بعد ذلك بأوامر من وزارة الداخلية،
التي تراقبها طوال الوقت، حيث لا يصعد خطيب على منبر إلا بتصريح وموافقة أمن الدولة،
وهو ما لا يحدث في الكنائس، كما أن المتدينين ممنوعون من التهجد في المساجد،
أو الاعتكاف فيها خلال الأيام العشر الأخيرة من شهر رمضان.(حقيقة واقعة في مصر)
* أن المحجبات ممنوعات من الظهور كمذيعات على شاشة التلفزيون المصري، كما أنهن
ممنوعات من التوظف في بعض الجهات الرسمية.
* أن الناشطين من المسلمين ممنوعون من الالتحاق بكلية الشرطة أو الكلية الحربية،
وممنوعون من الالتحاق بوزارة الخارجية، أو التعيين في وظائف المعيدين بالجامعات،
كما أنهم ممنوعون من الابتعاث إلى الخارج، وفي وزارة التربية والتعليم يتم نقلهم من
وظائف التدريس إلى وظائف إدارية أخرى.
* أن أقارب الذين سبق اعتقالهم ممنوعون من التعيين في بعض مؤسسات الدولة،
وممنوعون حتى من التجنيد في القوات المسلحة أو الشرطة.
* أن النقابات المهنية التي يُنتخب فيها الإسلاميون توضع تحت الحراسة، والنموذج الفادح لذلك
هو نقابة المهندسين الموضوعة تحت الحراسة منذ ستة عشر عاما لهذا السبب.
* أن الإسلاميين ممنوعون من تقلد الوظائف الرفيعة في جميع مؤسسات الدولة.
* أن قانون الطوارئ المستمر منذ أكثر من ربع قرن (وقتذاك) لم يطبَّق إلا على أولئك الناشطين،
الذين امتلأت بهم السجون، وترفض الأجهزة الأمنية إطلاق سراح الذين أنهوا محكومياتهم منهم، أو الذين قضت
المحاكم ببراءتهم، ومن هؤلاء الأخيرين من طلبت المحاكم إطلاق سراحهم 12 أو 14 مرة،
ورفضت «الداخلية» تنفيذ تلك الأحكام.
أرجو أن تفكروا في السؤال التالي:
إذا كان الأقباط يتعرّضون للتمييز في حين أن الناشطين المسلمين يعانون من الاضطهاد،
فهل تكون مشكلة مصر في هذه الحالة طائفية أم سياسية؟
جزء من مقال للكاتب فهمي هويدي (بتصرف)