[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
صورةرائعة عرضت على موقع ناشيونال جيوغرافيك، ونرى فيها الحوت بقرب إنسانبالحجم الحقيقي لكل منهما، وهنا أود أن أتذكر قصة سيدنا يونس عندما ابتلعهالحوت، انظروا إلى هذا الحوت إلى حجم فمه وكيف يمكنه ابتلاع إنسان بسهولة،ولكن سيدنا يونس كان من المسبحين فقال: (لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَسُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ) [الأنبياء: 87]. إن هذاالدعاء كان سبباً في نجاة سيدنا يونس من هذا الغم، يقول تعالىفَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِيالْمُؤْمِنِينَ) [الأنبياء: 88].
دعاء سيدنا يونس وهو في بطن الحوت
لماذالا يستجيب الله دعاء كثير منا على الرغم من الدعاء ليلاً نهاراً، بينمانجد أن نبياً مثل يونس وهو في بطن الحوت قد استجاب الله له؟ لنقرأ هذهالمعلومات التي نحن بحاجة ماسة لها في مثل هذا الزمن....
هل تخيَّلت يوماً ما أن تُلقى في ظلمات البحر فيلتهمك حوت عملاق يزن أكثر منمئة طن؟ ماذا ستفعل، ومن ستنادي، وهل تتصور بأن من تناديه قادر علىالإجابة؟! هذه تساؤلات خطرت ببالي عندما كنتُ أتأمل قصة سيدنا يونس عليهالسلام، مقارنة بواقعنا وما نراه اليوم من واقع يعيشه المسلمون، لم يعدلديهم إلا الدعاء لعلاج مشاكلهم، وعلى الرغم من الدعاء لا نجد الاستجابةالسريعة من الله تعالى، ربما لأننا فقدنا الإخلاص.
الدعاءيا أحبتي له شروط ومن أهم شروطه أمران: الإخلاص والعمل، فالإخلاص يعنيأننا نتوجه بقلوبنا وعقولنا إلى الله وحده أثناء الدعاء، وحتى نصل لهذهالمرتبة ننظر إلى سلوكنا، هل تصرفاتنا وأعمالنا وأقوالنا ترضي الله، ولانبتغي بها إلا وجه الله؟
أماالعمل فيعني أننا نستجيب لنداء الخالق تبارك وتعالى، فندرس ونتعلم أسرارالكون والطبيعة وأسرار النفس، ومن ثم نفكر بطريقة علمية نطوّر بها أنفسنا،فتكون كل أعمالنا لله ومن أجل الله، عندها سيُستجاب الدعاء إن شاء الله.
ولكنالمشكلة أن معظم المسلمين فقدوا الإخلاص والعمل، ولم يبقَ لديهم من أسباباستجابة الدعاء إلا المظاهر، ولكن القلوب هي الأساس. فالله تعالى لا ينظرلأشكالنا ولا لصورنا، ولا ينظر لمراكزنا في الدنيا، بل ينظر إلى قلوبنا،فهل قلوبنا نقية مثل قلب سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم؟
هلنحن متواضعون مثل تواضع الحبيب الأعظم عليه الصلاة والسلام؟ هل نتقرب منالفقراء وندنو من المساكين كما كان سيد الخلق محمد صلى الله عليه وسلم؟ماذا عن انفعالاتنا، هل نغضب لغضب الله ونرضى لرضاه عز وجل؟ وهل نشعربمعاناة إخوتنا في الإيمان؟
واللهلو طبَّق المسلمون حديثاً واحداً من أحاديث النبي، لكانوا أسعد الناسوأقوى الناس، وذلك عندما قال: (لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحبلنفسه)، فهل فعلاً تحب لأخيك ما تحبه لنفسك؟ للأسف هذا الحديث يطبقه اليومالملحدون في الغرب، فتجدهم يتعاونون من أجل تحقيق مصلحة دنيوية، أفلانتعاون من أجل مرضاة الله تبارك وتعالى؟
كلهذه الأشياء يا أحبتي تذكرني بذلك الموقف الصعب الذي أحاط بنبي كريم منأنبياء الله وهو سيدنا يونس عليه السلام، عندما قُذف به في البحر ليلاً،فالتقمه الحوت، فعاش لحظات في ظلمات متعددة: ظلام الليل، وظلام البحر،وظلام بطن الحوت، ولكنه لم ينسَ ربَّه فكان يسبح الله وهو في بطن الحوت،ونادى نداء عظيماً، يقول تعالى: (وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًافَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَاإِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ)[الأنبياء: 87]، طبعاً (َذَاالنُّونِ) هو النبي يونس، عندما غضب على قومه وتركهم دون أن يأخذ الإذن منالله وظن أن الله لن يبتليه ويختبره ويمتحنه ويقدر عليه، ولما وقع في هذاالموقف الصعب نادى الله تعالى بدعاء عجيب وهو: (لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَسُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ)، هذا هو دعاء الكرب!
ونحنيا أحبتي اليوم ينبغي أن نتذكر هذا الدعاء وأن نكثر منه، عسى الله أن يكشفعنا الضر ويعطي كل إنسان مسألتَه، وينجينا من الغم، ولذلك فإن الله تعالىاستجاب مباشرة لسيدنا يونس، ونجاه من الغم، لماذا؟ لأنه كان مؤمناًحقيقياً بالله تعالى، يقول تعالى: (فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُمِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ) [الأنبياء: 88].
فياأحبتي! هل تتصورون أن مشاكلكم وهمومكم هي أكبر من مشكلة سيدنا يونس وهو فيهذا الموقف؟ إن الذي نجّى هذا العبد الصالح ببركة دعائه لربه، قادر على أنينجيكم من أي موقف أو مشكلة تتعرضون لها، ولكن بشرط أن تتذكروا هذاالدعاء: (لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَالظَّالِمِينَ). ندعو الله لجميع المسلمين أن يكشف عنهم الغمّ، إنه على كلشيء قدير.