بجوار شقيقتيها الأميرتين الراحلتين فادية وفوزية، وبناء على وصيتها، دفن مساء "الثلاثاء" جثمان الأميرة فريال كبرى بنات الملك الراحل فاروق بالمقبرة الخاصة بالأسرة بمسجد الرفاعي المقابل لمسجد السلطان حسن بمنطقة القلعة.
وتوفيت الأميرة الراحلة الأحد الماضي فى سويسرا، عقب صراع طويل متأثرة بمرض السرطان ووصل جثمان الفقيدة من مدينة جنيف السويسرية فى وقت سابق من مساء الثلاثاء بصالة كبار الزوار بمطار القاهرة يرافقه أفراد أسرتها وعلى رأسهم الملك السابق أحمد فؤاد الثانى، وأبناء النقراشي باشا صفية وهاني، إضافة إلى عدد من المسئولين على رأسهم مندوب من رئاسة الوزراء والخارجية المصرية ومدير المراسم بمجلس الوزراء.
ورغم أن أسرة الراحلة قد صلوا على جثمانها صلاة الجنازة، عصر الاثنين بمسجد جنيف الكبير الذى انتقل إليه الجثمان لتكفينه طبقا للشعائر الإسلامية، وحفظ فى مكان خاص بالمسجد لحين نقله إلى الطائرة، الا أن الأسرة أصرت على إقامة صلاة جنازة ثانية مساء الثلاثاء بمسجد الرفاعي قبل دفن الجثمان وتقبل واجب العزاء فى نفس المسجد.
يذكر أن خوشيار هانم أو الملكة الأم والدة الخديوى إسماعيل كانت قد قررت فى عام 1869 بناء مسجد الرفاعي واشترت من مالها الخاص كل الأراضي المحيطة به ليبدأ العمل فيه لكن البناء توقف عام 1880، وبعد 5 سنوات توفيت الملكة الأم لتدفن فى مقصورة خاصة داخله، ليأمر الخديوى عباس حلمي بعد أكثر من 25 عاما باستكمال العمل فى المسجد.
وشيد مسجد الرفاعي على أرض مسجد آخر كان يسمى "مسجد الذخيرة" بني في العصر الأيوبي، ووصفه المقريزي بأنه كان في مقابل مدرسة ومسجد السلطان حسن، وكانت بجواره زاوية عرفت بالزاوية البيضاء أو زاوية الرفاعي، ضمت قبور عدد من المشايخ؛ من بينهم: أبو شباك، ويحيى الأنصاري، وحسن الشيخوني، ورغم أن هذا المسجد يعرف بالرفاعي نسبة للشيخ أحمد الرفاعي شيخ الطريقة الصوفية المعروفة بالرفاعية، إلا أن الشيخ أحمد الرفاعي لم يدفن به، بل أنه لم يدفن في مصر كلها، غير أن هذه التسمية لازمت الزاوية أولا ثم المسجد فيما بعد نسبة للشيخ المدفون به علي أبي شباك، وهو من ذرية الشيخ الرفاعي.
وينقسم المسجد إلى قسمين أساسيين، الأول خلفى يضم مقابر خوشيار هانم وبجوارها قبر ابنها الخديوي إسماعيل وهما فى مقصورة واحدة بنيت فوقهما قبة مزينة بزخارف عربية ويوجد أعلى قبريهما قطع من الزمرد الأصلى النادر لا تقدر بثمن، وبجوار المقصورة التى دفن بها الخديو ووالدته، حجرة دفن بها زوجات إسماعيل الثلاث التركيتان شهرت هانم فازة وجشن أخت هانم، والزوجة الثالثة الفرنسية أورسو جوتيل هانم، ويعتقد أنها شقيقة دليسبس صاحب مشروع إنشاء قناة السويس.
وبجوار غرفة زوجات الخديوي بمسجد الرفاعي، غرفة أخرى تضم قبر السلطان حسين كامل وبجواره قبر زوجته فضلا عن 3 مقابر أميرية أخرى فى حجرة مغلقة لا تفتح، وفى الساحة الخلفية للمسجد ضريح الشيخ على أبو شباك الرفاعى، حفيد الشيخ أحمد الرفاعى، مؤسس الطريقة الرفاعية.
وفى الجانب الآخر من المسجد، منطقة مقابر الملك فؤاد والملك فاروق والأخير يعد الأقل فخامة بين كل مقابر العائلة المالكة، وصنع من الرخام الأبيض العادى وبجواره فى حجرة مفتوحة عليه توجد مقابر الأميرات وهى التى دفنت فيها من قبل الأميرتان فادية وفوزية، ومن الواضح أنها بنيت منذ أيام جدهما الملك فؤاد.
وفى حجرة أخرى يوجد قبر شاه إيران محمد رضا بهلوى الذى صاهر هذه العائلة بزواجه من الأميرة فوزية شقيقة الملك فاروق ولم يدم الزواج فقد انتهى بالطلاق والقطيعة بين الشاه والملك، استمرت حتى وفاتهما لتفرقهما أحزان الطلاق وتجمعهما المقابر، فعندما مات الشاه فى مصر متأثرا بالسرطان أراد الرئيس الراحل أنور السادات أن يكرمه فلم يجد له مكانا أفضل من المقابر الملكية.
لم تكن الأميرة فريال بالنسبة لإخوتها مجرد الأخت الكبرى، بل كانت الأم لهم ولأخيها الملك السابق أحمد فؤاد الذى عاش حياته كلها بعيدا عن أمه الملكة ناريمان، ومنذ عدة سنوات أصيبت الأميرة فريال بسرطان المعدة وأجرت وقتها جراحة لاستئصال الجزء المصاب بالسرطان، وتخيلت وقتها أن معاناتها مع السرطان قد انتهت للأبد، لكن المرض اللعين عاود مهاجمتها بقوة من خلال العظام ليقضى عليها بعد رحلة مرض استمرت سنوات قضتها بالمستشفى بمدينة منترو، ورغم آلامها فى الشهر الأخير فإنها كانت حريصة على أن تبدو قوية وألا يعلم أحد بحقيقة مرضها.