الروعة في كل مكان...(24)
الأستاذ هارون يحيى
أسلوب التمويه لدى سمك العقرب
لو نظرنا إلى الصورة التي تمثل سمك العقرب لوجدنا صعوبة كبيرة في تمييز هذه الأسماك عن الوسط الذي تعيش فيه.
يعيش هذا السمك في الخلجان البحرية الواقعة في المناطق الاستوائية والدافئة، ولا يخرج هذا السمك إلى البحار المفتوحة إطلاقاً، ويُعَدُّ من الأسماك الآكلة للحوم، فهو يتغذى على باقي الأسماك الصّغيرة. وتُعَدُّ الزعانف الموجودة في منطقة الصدر من جسم هذا الحيوان سلاحاً فعالاً ضد الأعداء، كما أنّ اللّون الأحمر والأبيض للخطوط الموجودة في جسمه تُعَدُّ وسيلة مثلى للتمويه خصوصاً عندما يوجد بين الشّعب المرجانية.
وسمك العقرب يمتاز بالألوان الزاهية، ومع ألوان الشّعب المرجانية التي يعيش ضمنها يستطيع أن يختفي بسهولة عن أنظار الأعداء، وبالتالي يقل احتمال وقوعه فريسة بيد هؤلاء الأعداء، و بواسطة هذا التمويه اللوني كذلك يستطيع أن يعثر على فريسته بسهولة.
ولا يقتصر التمويه على سمك العقرب فحسب، بل يشمل معظم الكائنات الحية البحرية التي لا يمكن تمييزها عن الوسط الذي توجد فيه. و تمثل الألوان وسيلة مثلى لدى هذه الكائنات الحية البحرية للتكاثر و التّمويه وحتى تبادل الاتصال فيما بينها.
ولكن كيف تشكل مثل هذا الانسجام بين لون الحيوان البحري وبين لون الوسط الذي يعيش فيه؟ كيف أمكن للون جسم السمكة أن يتطابق مع لون الصخرة التي تعيش بالقرب منها؟ من الذي أكسب الروبيان القابلية على التشبه بالصّخرة التي يعيش ضمن نتوءاتها أو التشبه بالنباتات البحرية من ناحية اللون؟
من المستحيل أن تكون المصادفة أو أيّ تأثير خارجي آخر سبباً في حدوث التفاعلات الكيميائية التي أدّت إلى تلون الحيوان بلون الوسط الذي يوجد فيه، ومن المستحيل أيضاً أن تكون هناك معلومات عن الألوان لدى الروبيان أو السمك أو سرطان البحر(الجمبري)، ومن المستحيل أن تنشئ أجهزة جسمية للتمويه اللوني من تلقاء نفسها.
إنّ فكرة المصادفة لا يمكن لها في هذه الحالة أن تخطو خطوة نحو المنطق، إنها تمثل خيالاً محضاً، فإنّ صنع مثل هذه الأجهزة الجسمية ووضعها في مكانها الصحيح داخل أجسام الكائنات الحية و توارثها جيلاً بعد جيل، وكذلك استنساخ هذه الصفات الوراثية في جينات هذه الكائنات.
كل هذه الأعمال لا تتحقق إلا بقدرة خارقة ذات علم لا حد له.
إنّ صاحب هذا السّلطان الخارق والعلم الواسع هو الله فاطر السموات و الأرض الذي أعطى كل شيء خَلْقَه ثم هدى.
{أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَ هُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ ذَلُولاً فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَ كُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَ إِلَيْهِ النُّشُور}الملك: 14-15 .
يارب تعجبكم